تنقلات جديدة في السلطة القضائية السودانية
حركة تنقلات واسعة داخل السلطة القضائية السودانية للعام 2025م
في خطوة تعكس حرص السلطة القضائية السودانية على ترسيخ مبدأ استقلال القضاء وتعزيز كفاءة العمل العدلي في مختلف الولايات، أصدر رئيس القضاء السوداني مولانا عبد العزيز فتح الرحمن عابدين القرار رقم (508) لسنة 2025م، القاضي بإجراء حركة واسعة من التنقلات شملت قضاة محاكم الاستئناف والقضاة بالمحاكم العامة والجزئية والمساعدين القضائيين.
الأساس القانوني للقرار
استند القرار إلى أحكام المواد (17)، (35)، (37/1)، و(46) من قانون السلطة القضائية لسنة 1986م تعديل 2017م، وهي المواد التي تمنح رئيس القضاء الصلاحيات الكاملة في تعيين القضاة ونقلهم وترقيتهم وفقًا لمقتضيات المصلحة العامة وضمان حسن سير العدالة.
ويأتي هذا الترتيب القانوني منسجمًا مع مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في الدستور الانتقالي والقوانين السودانية، حيث يُعتبر القضاء سلطة مستقلة لا سلطان عليها إلا للقانون.
مضمون القرار القضائي
نص القرار على تكليف القضاة الواردة أسماؤهم بالعمل في الأجهزة القضائية المختلفة، وذلك حسب الكشف المرفق الذي وزّع القضاة بين المركز والولايات. وقد شملت الحركة القضائية الجديدة ولايات: الخرطوم، الجزيرة، البحر الأحمر، سنار، النيل الأبيض، شمال كردفان، إضافة إلى ولايات أخرى.
ويُتوقع أن تُسهم هذه التنقلات في تجديد الدماء داخل الجهاز القضائي، وإتاحة الفرصة أمام كوادر جديدة لاكتساب الخبرات، بجانب توزيع الكفاءات القضائية على مختلف المناطق بما يحقق العدالة الناجزة لكل المواطنين، دون تمييز بين العاصمة والولايات.
فلسفة "تجديد الدماء" في العمل القضائي
تُعد الحركات القضائية الدورية جزءًا من نهج عالمي تتبعه العديد من الأنظمة القضائية، حيث يُنظر إليها كوسيلة لمنع الجمود الإداري والوظيفي، وضمان استمرارية التطوير داخل الجهاز القضائي.
في السودان، مثل هذه القرارات تُعزز من فرص القضاة في الاحتكاك بتجارب متنوعة عبر الولايات، وتُكسبهم مرونة في معالجة القضايا ذات الطبيعة المختلفة، سواء كانت قضايا جنائية، مدنية، تجارية أو أحوال شخصية.
أثر القرار على العدالة وسيادة حكم القانون
يمثل القرار دفعة قوية لمساعي السلطة القضائية الرامية إلى تحقيق العدالة الناجزة وتسهيل وصول المواطنين إلى حقوقهم. فالتنقلات لا تُعتبر مجرد توزيع إداري، وإنما هي عملية إصلاحية تهدف إلى:
تقليل الضغوط عن بعض المحاكم المزدحمة.
توزيع الخبرات بين الولايات.
تحقيق التوازن بين الأقاليم البعيدة والمركز.
تعزيز الثقة بين المواطن والجهاز القضائي.
وبهذا المعنى، فإن القرار ينسجم مع رؤية السودان في إصلاح المنظومة العدلية والقضائية بما يخدم دولة القانون.
مقارنة تاريخية بالحركات القضائية السابقة
شهد السودان خلال العقود الماضية حركات قضائية متكررة، إلا أن ما يميز حركة العام 2025م هو اتساع نطاقها وشمولها لعدد كبير من الدرجات القضائية، بدءًا من محاكم الاستئناف وحتى المساعدين القضائيين.
كما أن القرار الحالي صدر في وقت يشهد فيه السودان تحولات سياسية واجتماعية عميقة، ما يجعل من استقلال القضاء وحسن إدارته ضرورة قصوى لحماية حقوق الأفراد وضمان سيادة القانون.
دور الحركة في إصلاح المنظومة العدلية
تأتي هذه الحركة متزامنة مع جهود أوسع لإصلاح المؤسسات العدلية في السودان، والتي تشمل:
1. تحديث التشريعات بما يتوافق مع المعايير الدولية.
2. تطوير البنية التحتية للمحاكم.
3. إدخال تقنيات حديثة لإدارة الدعاوى إلكترونيًا.
4. تدريب القضاة والمستشارين على المستجدات القانونية.
وتُعتبر الحركة القضائية الأخيرة إحدى أدوات تنفيذ هذه الإصلاحات على أرض الواقع، حيث تتيح توزيع الكفاءات القضائية بما يضمن عدالة أكثر سرعة وشفافية.
استمرارية العمل القضائي دون انقطاع
أكد القرار على ضرورة مباشرة القضاة لمهامهم الجديدة فور استلامهم مواقع العمل، وهو ما يعكس حرص السلطة القضائية على تجنب أي تعطيل لسير العدالة. فالعدالة المتأخرة تُفقد قيمتها، ولذلك فإن الانتقال السلس والسريع للقضاة بين مواقعهم يُعتبر خطوة أساسية في تعزيز ثقة المواطن في الجهاز القضائي.
خاتمة
إن القرار رقم (508) لسنة 2025م الصادر عن رئيس القضاء السوداني لا يُعتبر مجرد إجراء إداري روتيني، بل يُجسّد رؤية استراتيجية لإدارة جهاز القضاء بروح الإصلاح والتطوير. فهو يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، ويعكس وعي السلطة القضائية بأهمية دورها في حماية الحقوق والحريات، وترسيخ دعائم سيادة حكم القانون في السودان.
وموقع مستشارك القانوني إذ ينشر لقرائه الكرام نسخة من الكشف القضائي الصادر، فإنه يضع بين أيديهم وثيقة رسمية تُجسد إحدى أبرز خطوات إصلاح القضاء السوداني في هذا العام، وتفتح الباب أمام نقاش أوسع حول مستقبل العدالة في البلاد.
للإطلاع علي الكشف إضغط هنا