📌 ملخص قانوني حول كيفية التصرف في الممتلكات المتروكة أو الهالكة بعد الحرب سواء كانت خاصة أو عامة مملوكة للدولة
بقلم المستشار القانوني مصعب عادل
مستشار بوزارة العدل
مقدمة :
في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد بعد الحرب، ظهرت حالات عديدة من الممتلكات التي تم العثور عليها في الطرقات والمقار العامة والمنازل، مثل:
🚘 عربات محروقة أو منهوبة
🖥️ أجهزة كهربائية وأثاث منزلي
🧱 مواد بناء وكهرباء وسباكة
🪑 أدوات تالفة وغير صالحة للاستعمال
⬅️ هذه الممتلكات تُصنف قانونًا إلى قسمين:
🔹 1. المال الضائع أو المتروك:
وهو المال الذي لا يُعرف له مالك، أو تُرك في أماكن عامة دون مطالبة،
🔹 2. المال الهالك:
وهو المال الذي تلف كليًا وأصبح غير صالح للاستعمال.
✅ ما هو الإطار القانوني المنظم للتصرف فيها؟
🔸 أولاً: قانون المال الضائع والمتروك لسنة 1905م
▪️ يُلزم أي شخص يعثر على مال ضائع أن يُبلغ الشرطة أو النيابة .
▪️ إذا لم يظهر صاحب المال خلال فترة معقولة، يُمكن للسلطات التصرف فيه لصالح الدولة.
🔸 ثانيًا: قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م
⚖️ المواد (100–104): تمنح النيابة أو المحكمة الحق في بيع أو إتلاف أو مصادرة المال إذا تعذر الاحتفاظ به أو لم يظهر المالك.
🔸 ثالثًا: لائحة الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض لسنة 2011م
▪️ تنظم كيفية التصرف في الممتلكات الحكومية الفائضة أو التالفة.
▪️ تُشكل لجنة حصر وتقييم، وتعد محضرًا فنيًا، ثم يتم التصرف حسب نوع المال (بيع – إبادة – مصادرة).
🔎 ما المطلوب من الجهات المختصة؟
1. تشكيل لجنة حصر وتقويم فني من (النيابة – المالية – الشرطة – المراجع القومي)
2. إعداد محضر رسمي بحالة الموجودات.
3. تسليم الصالح منها للشرطة كـ"أمانات".
4. الإعلان عنها رسميًا (لوحات – إذاعة – محلية).
5. بعد 6 أشهر (أو المدة التي تحددها النيابة):
يتم بيع الصالح منها بمزاد رسمي.
يتم إبادة التالف بمحضر لجنة مختصة.
يتم مصادرة ما لم يُطالب به أحد لصالح الدولة.
⚠️ تحذير:
الاحتفاظ بهذه الممتلكات دون إبلاغ رسمي قد يعرّض الشخص للمساءلة القانونية بموجب قانون المال الضائع، وقد يُفسر كاستيلاء على مال الغير أو مال عام.
📍 الخلاصة:
> القانون ينظم التصرف في هذه الممتلكات بوضوح، والواجب هو اتباع الإجراءات الرسمية عبر الحصر والتبليغ، والإعلان، ثم البيع أو الإبادة أو المصادرة بإذن النيابة أو اللجنة المختصة أو المحكمة .
✍️ المراجع القانونية:
قانون المال الضائع والمتروك لسنة 1905م
قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م (م 100–104)
لائحة الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض لسنة 2011م
🔹 تعليق موقع «مستشارك القانوني»على مقال: التصرف في الممتلكات المتروكة أو الهالكة بعد الحرب – الخاصة أو العامة
أولاً: خلفية قانونية وإنسانية
من أهم المظاهر التي تفرزها الحروب في أي دولة، ظهور ممتلكات مبعثرة أو مهدمة أو متروكة بلا مالك ظاهر.
وفي السياق السوداني، بعد الحرب التي دمّرت منشآت عامة وخاصة، أصبحت مسألة التصرف في هذه الممتلكات ليست مجرد قضية إجرائية، بل هي قضية ترتبط بـ حماية المال العام، والعدالة الاجتماعية، والضمير القانوني الوطني.
يُحسب للمقال أنه تناول هذه الإشكالية بواقعية قانونية، مستندًا إلى القوانين السارية منذ عقود طويلة، مثل قانون المال الضائع لسنة 1905م، والذي ما زال فاعلًا رغم قدمه، وهو ما يعكس مرونة المنظومة القانونية السودانية وقدرتها على التعامل مع الوقائع المستجدة حتى في أوقات النزاع.
ثانياً: القيمة القانونية للمقال
ما يميز هذا الطرح هو أنه لا يكتفي بتبيين النصوص، بل يربطها بالواقع العملي لما يحدث في المدن والمناطق التي شهدت دمارًا واسعًا.
فالكثير من المواطنين والعاملين في الأجهزة الرسمية يواجهون حيرة حقيقية:
هل يحق لهم التصرف في الممتلكات المتروكة؟
هل يمكن إصلاحها أو بيعها أو الاحتفاظ بها؟
ويأتي المقال ليحسم هذا الجدل وفق القانون، مبرزًا أن النيابة والشرطة والمالية والمراجع القومي جميعهم أطراف رئيسية في أي تصرف مشروع، وأن أي تعامل خارج هذا الإطار قد يُعد جريمة أو مخالفة مالية جسيمة.
ثالثاً: التوازن بين حماية الملكية العامة والخاصة
من أبرز الجوانب التحليلية في المقال أنه لم يحصر النقاش في المال العام فقط، بل وسّع المفهوم ليشمل الممتلكات الخاصة التي تُركت أو فُقدت بسبب الحرب.
وهذا التوسّع في الرؤية يعكس إدراكًا قانونيًا بأن العدالة لا تتجزأ — فكما يجب حماية مال الدولة، يجب أيضًا صون حقوق الأفراد.
ولذلك، فإن الإبلاغ، والتوثيق، والإعلان العام تمثل أدوات رئيسية لحماية المالك الغائب وردّ الحق إليه إذا عاد، بدلًا من أن تضيع الأملاك في دوامة “المجهول” أو تُستغل خارج الأطر الرسمية.
رابعاً: الإدارة القانونية في ظل الفوضى الميدانية
الحروب تخلق واقعًا جديدًا تتراجع فيه سلطة الدولة في بعض المناطق، وهنا تظهر الحاجة إلى إجراءات قانونية مرنة ولكن منضبطة.
فليس المقصود من القوانين أن تُعطّل الواقع، بل أن تُوجّهه وتضبطه، والمقال أشار بوضوح إلى هذه النقطة من خلال التوصية بـ تشكيل لجان مختصة تضم النيابة والشرطة والمالية والمراجع القومي.
لكن من زاوية تحليلية أعمق، يمكن القول إن نجاح هذه اللجان يتوقف على
1. توافر سلطة محلية فعالة قادرة على تنفيذ قراراتها.
2. إشراف مركزي من وزارة العدل ووزارة المالية لتوحيد الإجراءات.
3. الشفافية في الإعلان عن الأموال والممتلكات المصادرة أو المباعة، منعًا لأي شبهات أو فساد إداري.
خامساً: خطورة التملك الشخصي دون إجراءات رسمية
التعليق القانوني هنا يجب أن يوضح بجلاء أن الاحتفاظ بممتلكات متروكة أو منهوبة حتى بنية “الحفاظ عليها” قد يُفسر قانونًا كاستيلاء على مال الغير أو المال العام.
في القانون السوداني، لا يُعتد بالنية الحسنة إذا لم تكن هناك إجراءات رسمية للإبلاغ.
وبالتالي، المواطن الذي يعثر على عربة أو أجهزة أو أثاث بعد الحرب ملزم بالإبلاغ الفوري لأقرب قسم شرطة أو نيابة.
وإذا لم يفعل، فقد يواجه اتهامات تتراوح بين:
الاستيلاء غير المشروع،
الاحتفاظ بمال مملوك للدولة،
أو حتى المشاركة في جريمة نهب غير مباشرة.
وهو ما يجعل الوعي القانوني بهذا الجانب من أولويات التوعية في مرحلة ما بعد الحرب.
سادساً: العدالة الانتقالية وإعادة الثقة
لا يمكن النظر إلى هذه المسألة بمعزل عن مفهوم العدالة الانتقالية، إذ أن الطريقة التي تُدار بها الممتلكات المتروكة أو الهالكة تعكس مدى التزام الدولة بسيادة القانون حتى في أوقات الانهيار المؤسسي.
إذا جرى التصرف فيها بشفافية وعدالة، فسوف يترسخ الشعور العام بأن القانون لا يزال هو الحَكم والضامن، وأن الدولة لا تترك المواطن في مواجهة الغموض أو الاستغلال.
أما إذا تم تجاوز الإجراءات أو غابت الرقابة، فإن ذلك يهز الثقة العامة ويُكرّس مناخ الفساد وضعف المؤسسات.
سابعاً: مقترحات عملية
من منظور «مستشارك القانوني»، يمكن تلخيص أبرز التوصيات العملية لتفعيل هذا الإطار القانوني كما يلي:
1. إصدار منشور عدلي ومالي مشترك من وزارة العدل ووزارة المالية يوضح الإجراءات الواجب اتباعها في التصرف بالأموال المتروكة والهالكة بعد الحرب.
2. إنشاء سجل مركزي إلكتروني لحصر الأموال المتروكة أو المصادرة لضمان الشفافية.
3. نشر قوائم بالممتلكات المُعلن عنها عبر الصحف أو مواقع إلكترونية حكومية قبل بيعها أو مصادرتها.
4. تحديد مدد زمنية موحدة للإعلان والاسترداد تجنبًا للاجتهادات المحلية.
5. تعزيز دور اللجان القانونية والرقابية بممثلين من النيابة وديوان المراجعة القومي.
6. تدريب الكوادر الإدارية والقانونية على تطبيق قانون المال الضائع ولائحة التخلص من الفائض في سياق ما بعد الحرب.
ثامناً: الخلاصة التحليلية
يمكن القول إن المقال مثّل خارطة طريق أولية لإدارة المال المتروك والهالك، لكن التحدي الأكبر يكمن في التطبيق العملي على الأرض.
فالظروف الاستثنائية تتطلب توازنًا دقيقًا بين المرونة الإدارية والانضباط القانوني.
إن حماية المال العام والخاص في زمن ما بعد الحرب ليست مجرد واجب إداري، بل هي واجب وطني وأخلاقي.
والقوانين التي أشار إليها المقال – رغم قدم بعضها – ما زالت توفر الإطار الكافي لحماية الحقوق، شريطة أن تُفعّل بحزم وعدالة وشفافية.
من هنا، فإن «مستشارك القانوني» يرى أن إعادة بناء الثقة في مؤسسات الدولة تبدأ من احترام القانون في أبسط صوره: حيازة المال وردّه لصاحبه، أو للدولة، عبر إجراءات رسمية واضحة.