سرية محضر التحري و قرار المراجعة (161) 2022م
تنويه: المعلومات الواردة في هذا المقال لأغراض تعليمية واستشارية واخباريه فقط، ولا تُعد بديلاً عن استشارة محامي معتمد
وكيل نيابة عبدالعزيز حمزه الصديق يكتب عن
سرية محضر التحري و قرار المراجعة (161) 2022م
مقدمة
كثُرة في الآونة الأخيرة العديد من الطلبات المقدمة لدي النيابة بشأن السماح للدفاع بالاطلاع علي محضر التحري وهي لاتُثير غرابة خاصة بعد صدورقرار المراجعة بالرقم اعلاة والذي فتح الباب واسعاً للناقش القانوني.
رأيت ان أبدي وجهة نظري القانونية في ذلك باعتبار أن التحريات والإشراف عليها تختص بها النيابة العامة لاسِواها
فالناظر لقرار المراجعه وعلي الصفحة (5) بشيء من التأني يتبين أن القرار قد تناول في طياته المراحل التي تمر بها الدعوي الجنائية فالمرحلة الأولى منها تتعلق بفتح الدعوي الجنائية وجمع المعلومات او الاستدلالات او تقصي الحقائق إن جاز التعبير حتي تتمكن النيابة من الوصول لقرار يتعلق بتوجية التهمة من عدمة نتيجة لما توافر لديها من استدلالات ومعلومات.
اما المرحلة الثانية من الدعوي الجنائية تكمن في تقديم ما اسفرت عنه تلك المعلومات أمام المحكمة تحت ناظري أطراف الدعوي الجنائية
وهذا ماذهب اليه مولانا العالم صاحب الرأي بالصفحة (5) من القرار المُشار اليه بعاليه بان مرحلة الاستدلالات ماقبل توجية التهمة تختص بها النيابة.
وبالتالي لايمكن من خلال هذة المرحلة الإطلاع علي محضر التحري وفي تقديري أن العله من المنع تكمن في جعل تلك المعلومات والاستدلالات بمنأى عن المتهم حتي لايسعي لتغيرها او طمسها قبل تقديمها في المرحلة الثانية من الدعوي الجنائية وهذة المعلومات لاتعدو أن تكون مجرد بينات مبدئية تسترشد بها المحكمة لتحديد مسار الدعوي المعروضة أمامها ومن هنا تظل العلة من المنع قائمة وموجودة رغم سكوت المشرع في قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م فليس كل ماسكت عنة القانون لاتتبعة العدالة.
وهنا تظل الحكمة من سرية محضر التحري قائمة ومعقوله وتتفق مع مبادي العدالة باعتبار أن للعدالة في الدعوي الجنائية جانبين مبلغاً اوشاكي ومشكو ضدة وأن التأثير علي التحريات محظور بموجب المادة(41) من قانون الإجراءات الجنائية 1991م
وأن القياس ياتي في الأحكام تحقيقاً لعللها وتوخياً لمعاني العدالة السامية التي تفرضها الشريعة الإسلامية
هذا وعلي الرغم من سكوت المشرع إلا أن المنشور الجنائي رقم(2) الصادر من السيد/وزير العدل في العام 2005م فقد نظم المسألة ونص صراحة سرية محضر التحري بمنع الدفاع عن الإطلاع إبان مرحلة التحري قبل بد إجراءات المحاكمة.
عبدالعزيز حمزة
وكيل نيابة
تعليق موقع Your Legal Advisor – مستشارك القانوني
يُثمن موقع Your Legal Advisor – مستشارك القانوني المقال القيم الذي قدّمه وكيل النيابة عبدالعزيز حمزة الصديق حول مسألة سرية محضر التحري وقرار المراجعة رقم (161) لسنة 2022م، وهو طرح قانوني عميق ومُستند إلى فهم دقيق لطبيعة العمل النيابي والعدلي في السودان، حيث تناول الكاتب ببراعة العلاقة المعقدة بين سلطات النيابة العامة في إدارة التحري، وحقوق الدفاع في الإطلاع على مستندات الدعوى الجنائية.
من الناحية القانونية، تُعد مسألة سرية محاضر التحري من أهم المبادئ الإجرائية التي ترمي إلى تحقيق العدالة وحماية نزاهة إجراءات الدعوى. فمرحلة التحري تعتبر — وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م — مرحلة جمع المعلومات والاستدلالات، وهي مرحلة سابقة لتوجيه التهمة، وتختص بها النيابة العامة وحدها دون غيرها. والهدف من السرية في هذه المرحلة هو الحفاظ على سلامة سير العدالة ومنع أي تأثير محتمل على الشهود أو على مجريات التحري.
غير أن هذا المبدأ، رغم وجاهته، يطرح تساؤلات عملية تتعلق بمدى توافقه مع حق الدفاع في الإطلاع على الأدلة والبينات التي يمكن أن تُؤثر على مركز موكله القانوني. فالعدالة الجنائية الحديثة تقوم على مبدأ تكافؤ السلاحين بين الاتهام والدفاع، وهو مبدأ يجد سنده في الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وفي هذا الإطار، يرى موقع Your Legal Advisor – مستشارك القانوني أن الموازنة بين سرية محضر التحري وضمانات الدفاع هي ضرورة عملية وقانونية في آنٍ واحد. فالسرية ليست غاية في ذاتها، بل وسيلة لضمان سلامة الإجراءات، وينبغي أن تُمارس بحدود لا تُخلّ بحقوق الأطراف الأخرى. ويمكن — على سبيل المثال — السماح بالإطلاع الجزئي أو المقيد على بعض محاضر التحري التي لا تمس سرية الشهود أو لا تُعرّض مسار العدالة للخطر، خاصة في الحالات التي تُثار فيها دفوع جوهرية أو يُدّعى فيها بوجود خلل في سلامة التحري.
كما يُلاحظ أن المنشور الجنائي رقم (2) لسنة 2005م الصادر من وزير العدل قد أرسى قاعدة عملية بمنع الدفاع من الإطلاع على محاضر التحري قبل بدء إجراءات المحاكمة، وهو ما شكّل توجيهاً عاماً للنيابات في إطار ممارسة سلطتها التقديرية. ومع ذلك، فإن التطور القانوني والواقعي في العمل الجنائي يُحتّم مراجعة هذا التنظيم، بما يتيح للنيابة سلطة أوسع في تقدير الحالات التي يجوز فيها الإطلاع دون الإضرار بسير العدالة.
إن Your Legal Advisor – مستشارك القانوني يرى أن تطوير النصوص القانونية والإجرائية في هذا الجانب بات ضرورة لتفادي تضارب الاجتهادات بين النيابات والمحاكم، ولإرساء مبادئ واضحة تضمن الشفافية من جهة، وتحافظ على سرية التحري من جهة أخرى. فالتوازن بين هذين المبدأين — السرية والعلانية — هو ما يصنع عدالة إجرائية نزيهة تُحقق الغاية الحقيقية من المحاكمة العادلة.
الخاتمه
ونؤكد في الختام أن المقال الذي خطّه وكيل النيابه عبدالعزيز حمزة الصديق قد نجح في تسليط الضوء على موضوع قانوني مهم وحساس، وأثار نقاشًا علميًا يثري الفقه العدلي السوداني، ويُبرز الدور المحوري للنيابة العامة في صون العدالة وحماية حقوق المتقاضين. ويدعو موقع Your Legal Advisor – مستشارك القانوني السادة القانونيين والباحثين والطلاب إلى مواصلة الحوار حول هذه المسائل الجوهرية التي تمس جوهر العدالة وسيادة حكم القانون في السودان.